نحو
رفع مستوى جودة سيادة العلاقات بين الحاكم والمحكوم
على منهج النبوة
نحن في العالم الإسلامي نعيش في هذه الأيام فرصة للتصحيح والتغيير
للأفضل في العلاقة بين الحاكم والمحكوم على منهج النبوة فالواجب هنا أن تمتد جسور
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الحكام والشعوب {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2) فكل بحسبه, فمن كان يستطيع إيصال النصيحة مباشرة إلى
المسؤول فهذا واجبه، فإن كان الرفق أحرى بقبول النصيحة فليترفق، وإن كانت الشدة
أبلغ في تأثير النصيحة فلا عليه فإن "أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ
عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر" (3).
فإن لم
يجدِ ذلك فيجري التشهير به وفضحه في كل ميدان كما قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ
الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} (4) ,
فسرقة
المال العام من الفساد البين، وإذا كان الزاني والزانية يأمر الله بالتشهير بهما
{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (5)، فكيف بالفساد
المالي وسرقة الملايين التي رصدت لحاجة الناس الضرورية ومرافقهم الهامة من
المستشفيات والتعليم والمواصلات وغيرها فهذه من باب أولى.
فعن أبي
هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رجل: يارسول الله إن لي جاراً يؤذيني, فقال: (انطلق
فاخرج متاعك إلى الطريق) , فانطلق فاخرج متاعه فاجتمع الناس عليه, فقالوا: ما
شأنك؟ , قال: لي جار يؤذيني, فذكرت للنبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: (انطلق فاخرج
متاعك إلى الطريق) , فجعلوا يقولون: اللهم العنه, اللهم اخزيه, فبلغه, فأتاه,
فقال: ارجع إلى منزلك, فوالله لا أؤذيك (1).
كما أن
من المتفق عليه بين العلماء أن الإمامة (الحاكم أو الرئيس) لا تعقد لفاسق ابتداء.
قال القرطبي- رحمه الله-: لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز
أن تعقد الإمامة لفاسق (2).
لكن لو
انعقدت لحاكم عادل ثم طرأ عليه الفسق فهنا حصل الخلاف بين العلماء, فمنهم من قال
يستحق العزل ويصبح غير شرعي، ومنهم من قال باستدامة ما لم يصل به الفسق إلى ترك
الصلاة أو الكفر، وفصل آخرون القول في ذلك:
فقيل
بالعزل مطلقًا وعزاه القرطبي للجمهور:
قال
القرطبي- رحمه الله-: "قال الجمهور: إنه تنفسخ إمامته، ويخلع بالفسق الظاهر
المعلوم، لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود واستيفاء الحقوق، وحفظ
أموال الأيتام والمجانين، والنظر في أمورهم، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام
بهذه الأمور والنهوض بها, وقال: فلو جوزنا أن يكون فاسق أدى إلى إبطال ما أقيم له،
وكذلك هذا مثله" (1) , ونسب الزبيدي هذا القول إلى الشافعي في القديم (2)،
وإليه ذهب بعض أصحابه (3) وهو المشهور عن أبي حنيفة.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar