أ-
نماذج من
النثر
-
النثر في المملكة العربية السعودية :
1- نص
"ولاية العهد", وصية مملكية لمن يلي العهد
قال الأديب خير الدين الزركلي : "وأمر
بوضع نظام لتوارث العرش من بعده، فانعقد مجلسا الوكلاء والشورى وأبرما قرارا في 16 محرم 1352 (11\5\1933م) بمبايعة
كبير أبنائه – ألأميرسعود – وليا للعهد.
الوصية
لمن يلي الملك :
وأبرق إلى ولي العهد، على الأثر، برقية (رقم 275
تاريخ 18 محرم 1352 ) جاء فيها ما نصه
الحرفي:
((تفهم أننا نحن والناس جميعا، ما نعز أحدا ولا
نذل أحدا، وإنما المعزّ والمذلّ هوالله سبحانه تعالى، ومن التجأ إليه نجا، ومن اغترّ
بغيره (عياذا بالله) وقع وهلك، موقفك اليوم غير موقفك بالأمس، ينبغي أن تعقد نيتك
على ثلاثة أمور:
أولا
– نية صالحة، وعزم على أن تكون حياتك وأن يكون ديدنك إعلاء كلمة التوحيد، ونصر دين
الله. وينبغي أن تتخذ لنفسك أوقاتا خاصة
لعبادة الله والتضرع بين يديه، في
أوقات فراغك. تعبد إلى الله في الرخاء، تجده في الشدة، وعليك بالحرص على الأمر
بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن يكون ذلك كله على برهان وبصيرة في الأمر، وصدق في
العزيمة، ولا يصلح مع الله سبحانه وتعالى إلا الصدق، وإلاّ العمل الخفي الذي بين
المرء وربه.
ثانيا
– عليك أن تجدّ وتجتهد في النظر في شئون الذين سيوليك الله أمرهم، بالنصح، سرّا
وعلانية، والعدل في المحب والمبغض، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل، والقيام
بخدمتها باطنا وظاهرا، وينبغي أن لا تأخذك في الله لومة لائم.
ثالثا
– عليك أن تنظر في أمرالمسلمين عامة، وفي أمر أسرتك خاصة. اجعل كبيرهم والدا،
ومتوسطهم أخا، وصغيرهم ولدا. وهن نفسك لرضاهم، وامح زلتهم، وأقل عثرتهم، وانصح
لهم، واقض لوازمهم بقدر إمكانك. فإذا فهمت وصيتي هذه، ولازمت الصدق والإخلاص في
العمل، فأبشر بالخير.
((أوصيك
بعلماء المسلمين خيرا. احرص على توقيرهم ومجالستهم وأخذ نصيحتهم. واحرص على تعليم
العلم، لأن الناس ليسوا بشئ إلا بالله ثم بالعلم ومعرفة هذه العقيدة. احفظ الله
يحفظك.
((هذه مقدمة نصيحتي إليك، والباقي
يصلك إن شآء الله في غيرهذا."[1]
قال ايضا
الأديب المؤرخ، خير الدين الزركلي:
"
الملك عبد العزيز ودستور بلاده
كان عبد
العزيز، كلما سئل عن دستور بلاده أجاب : دستورنا القرآن، وهو يعني تقيده هو
ومملكته بأحكام الشرع الإسلامي المستمدة من معاني القرآن، وما لم يكن فيه فمن حديث
رسوله وعمله وما لم يكن فيهما فمن قضاء أصحابه وسيرتهم، وما لم يكن فمن نهج أهل
العدل والعقل والسيرة الحسنة من سلف الأمة. وما لم يكن ففي النظم ما قد يقوم مقام
التشريع.
التعليمات
الأساسية
أما التعريف
بالدولة وشكلها وترتيباتها الإدارية وما إلى ذلك، فأول نظام وضع لها، كانت مادته
من إملاء عبد العزيز بمكة، في 16 صفر 1345هـ ( 27 آب 1926م) وتولت صياغته جماعة
كانت تعرف بالجمعية العمومية. ونشر في الجريدة الرسمية، يوم 21 صفر (31 آب)، باسم
((التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية)) وذلك قبل أن يكون لقب الملك ((ملك
الحجازونجد وملحقاتها)) بثلاثة أشهر. وقبل توحيد أجزاء المملكة وتسميتها بالعربية
السعودية. بنحو ستة أعوام.
وأهم ما
في هذه (( التعليمات )) :
1-
المملكة .. مرتبطة بعضها ببعض، ارتباطا لا يقبل
التجزئة ولا الانفصال بوجه من الوجوه.
2-
الدولة .. دولة ملكية، شورية، إسلامية، مستقلة في
داخليتها وخارجيتها.
3-
عاصمة الدولة مكة. ولغتها الرسمة اللغة العربية.
4-
إدارة المملكة: بيد الملك عبد العزيز بن عبد
الرحمن الفيصل. وهو مقيد بأحكام الشرع.
5-
جميع أحكام المملكة، تكون منطبقة على كتاب الله،
وسنة رسوله، وما كان عليه الصحابة والسلف الصالح.
6-
يعين من قبل الملك، نائب عام.
وهناك بقية لهذه (( التعليمات )) خصت بالتنظيم
الإداري، فعُدّل بعضها، فيما بعد، وأهمل بعض، جريا مع الأحداث والتجارب."[3]
3-
نص بلاغ عام General Proclamation:
وأورد
أيضا خير الدين الزركلي ن بلاغ عام كما يلي :
بلاغ عام
من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود
إلى إخواننا أهل الحجاز سلمهم الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله
وبعد
فإني أحمد الله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده،
وأهنئكم وأهنئ نفسي بما من الله علينا وعليكم، من هذا الفتح الذي أزال به الشر،
وحقن دماء المسلمين، وحفظ أموالهم، وأرجو من الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن
يجعلنا وإياكم من أنصار دينه ومتبعي هداه.
إخواني: تفهمون أني بذلت جهدي، وما تحت يدي، في
تلخيص الحجاز، لراحة أهله وأمن الوافدين إليه: إطاعة لأمر الله، قال جل من قائل :
(وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى، وعهدنا إلى
إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطـآئفين والعاكفين والركع السجود). وقال تعالى :
(ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب
أليم).
ولقد كان من فضل الله علينا وعلى الناس، أن ساد
السكون والأمن في الحجاز، من أقصاه إلى أقصاه، بعد هذه المدة الطويلة التي ذاق
الناس فيها مر الحياة وأتعابها.
ولما من الله بما من، من هذا الفتح السلمي الذي
كنا ننتظره ونتوخاه، أعلنت العفو العام عن جميع الجرائم السياسية، في البلاد. وأما
الجرائم الأخرى، قد أحلت أمرها للقضاء الشرعي، لينظر فيها بما تقتضيه المصلحة
الشرعية في العفو.
وإني أبشركم – بحول الله وقوته – أن بلد الله
الحرام في إقبال وخير، وأمن وراحة. وإني
إن شآء الله، سأبذل جهدي فيما يؤمن البلاد المقدسة، ويجلب الراحة والإطمئنان لها.
لقد مضى يوم القول، ووصلنا إلى يوم البدء في
العمل. فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، واتباع مرضاته، والحث على طاعته. فإنه من تمسك
بالله كفاه، ومن عاداه - والعياذ بالله – باء بالخيبة والخسران. إن لكم علينا
حقوقا، ولنا عليكم حقوقا. فمن حقوقكم علينا النصح لكم في الباطن والظاهر، واحترام
دمائكم وأعراضكم وأموالكم إلا بحق الشريعة. وحقنا عليكم المناصحة، والمسلم مرآة
أخيه. من رآى منكم منكرا في أمر دينه أو دنياه فليناصحنا فيه. فإن كان في الدين،
فالمرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن كان في أمر الدنيا
فالعدل مبذول إن شآء الله، للجميع على السوآء.
إن البلاد لايصلحها غير الأمن و السكون. لذلك
أطلب من الجميع أن يخلدوا للراحة والطمأنينة. وإني أحذر الجميع، من نزغات الشيطان،
والاسترسال وراء الأهوآء التي ينتج عنها إفساد الأمن في هذه الديار. فإني لا أراعي
في هذا الباب صغيرا ولا كبيرا. وليحذر كل إنسان أن تكون العبرة فيه لغيره. هذا ما
يتعلق بأمر اليوم الحاضر، وأما مستقبل البلد، فلابد لتقريره من مؤتمر يشترك
المسلمون جميعا فيه، مع أهل الحجاز، لينظروا في مستقبل الحجاز ومصالحها. وإني أسأل
الله أن يعيننا جميعا، ويوفقنا لما فيه الخير والسداد. وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.
تحريرا بجدة في 8 جمادى الثانية 1344هـ
عبد العزيزبن عبد الرحمن الفيصل آل
السعود[4]
نعم,
هذا النموذج من نثرالأدب العربي الجليل أصبح سجلا تاريخيا ناطقا للعالم كله
عن نجاح المملكة العربية السعودية في تحقيق طفرة الحضارة والآداب والثقافات
الإسلامية في العصر الحديث في ظل التوحيد،"...
ويذكر أن التزام المملكة بالشريعة الإسلامية، وإنفاذ أحكامها في كافة نواحي الحياة
– مصداقا لقوله تعالى:
{فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فما شجر بينهم ثم
لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} – كان أحد أهم الأسباب وراء هذه
الطفرة الموفقة[5]
".
أمن الملك عبد العزيز بالإسلام
عقيدة وشريعة ونظاما للحياة، وأن التمسك بالإسلام يضمن الأمن والاستقرار, ولم يخف
الملك عبد العزيز من نتائج تطبيق الشريعة لأنه لايخاف هذه النتائج إلا من قامت
دعائم ملكه على الظلم والفساد في الأرض، والملك عبد العزيز رجل يتضح من سيرته أنه
محب للعدل مقيم له، كاره للفساد ومقاوم له.[6]
وأما صلبة تمسكه بعقيدة التوحيد فهو يقول: "إني لأفضل أن أكون على رأس
جبل آكل من عشب الأرض أعبد الله وحده، على أن أكون ملكا على سائر الدنيا وهي على
حالتها من الكفر والضلال، اللهم إنك تعلم أني أحب من تحب وأبغض من تبغض، إننا
لاتهمنا الأسماء ولا الألقاب، وإنما يهمنا القيام بحق واجب، كلمة التوحيد."[7]
لقد طبق الملك عبد العزيز ما قاله وما نصه "بلاغ عام" فعلا في
كثير من المجالات معتمدا على مصدرالتشريع الذي لايكون إلا من كتاب الله (القرآن
الكريم)، ومما جآء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ما أقره علماء الإسلام
الأعلام بطريق القياس، أو أجمعواعليه مما ليس في كتاب ولا في سنة، فلا يحل في هذه
الديار غير ما أحله الله، ولا يحرم فيها غير ما حرمه، مثل:
1-
إقامة الصلاة جماعة وتفقد المتخلفين عنها
ومعاقبتهم حسب الحال
2-
جباية الزكاة وصرفها في مصارفها التى أمرالله بها
3-
صيام شهر رمضان، ومنع أي مظاهر تتنافى مع طبيعة
هذا الركن العظيم من أركان الإسلام
4-
أداء فريضة الحج وإلزام الناس بها إذا كانوا
مستطيعين
5-
إقامة العدل، والعدل أساس الملك
6-
الشورى حيث أنشأ في عام 1345هـ \ 1926م مجلس
الشورى وأدخلت على نظامه عدة تعديلات حسب مقتضيات الحاجة
7-
تطبيق الحدود مثل القصاص في القتلى، وقطع يد السارق،
وحد قطاع الطريق، وحد الزاني، وحدود التعزير وغيرذلك.
8-
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وقد عين لهذا
الغرض هيئات من المحتسبين يأمرون الناس بالمعروف وينهون عن كل منكر.[8]
Tidak ada komentar:
Posting Komentar