Senin, 19 Oktober 2015

السلسلة ( 8 ) من الأدب الإسلامي في العصر الحديث انعكاس صورة نظام سيادة اكسيولوجيا الخلافة الإسلامية المعاصرة على منهج النبوة

               ج). البنك الإسلامي للتنمية
      هي في فاعليتها عبارة عن بيت مال المسلمين العالي للخلافة الإسلامية المعاصرة على منهج النبوة، تنعكس هذه الصورة من خلال أبرز مظاهر النثر للأدب الإسلامي في العصرالحديث هو نص محاضرة علمية عن " دور البنك الإسلامي في دعم التنمية " للدكتورأحمد محمد علي، رئيس البنك الإسلامي للتنمية، ضمن محاضرات النادي الأدبي الثقافي بجدة, فقال :
      "أحمد الله تبارك وتعالى، وأصلي وأسلم على النبي الهادي المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
      أيها الإخوة الأحبة :
      سلام الله عليكم ورحمته وبركاته :
      يطيب لي في بداية الحديث أن أتوجه بصادق التقدير وعظيم الثناء، وعاطر الشكر للإخوة الفضلاء رئيس وأعضاء مجلس إدارة نادي جدة الأدبي على الجهود الطيبة المبذولة لخدمة قضايا الفكر والأدب، ثم على إتاحة هذه الفرصة لنلتقي في هذه الأمسية للتحدث عن مؤسسة إسلامية دولية هي (البنك الإسلامي للتنمية ودوره في دعم جهود التنمية في بلدان دول الأعضاء).
      سائلا الله عزّ وجل لهم مزيدا من التوفيق والسداد. ويسعدني أن أقدم بين يدي الحديث هذه الأمسية قول الحق تبارك وتعالى :
     بسم الله الرحمن الرحيم (والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
     فكل عمل يكون رائده الإخلاص, ودافعه التعاون على الخير والتناصر لخدمة الإسلام، والنهوض بالمسلمين وبما يتفق مع شريعتنا السمحة روحا ونصا فهو عمل صالح وهو من التواصي بالحق.
     وقوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى.
     وحديثي في هذه الأمسية - أيها الإخوة الأحبة – يدور حول الأمور التالية :

1-   الدعوة إلى التضامن الإسلامي في العصر الحديث
2-   قيام البنك الإسلامي للتنمية باعتباره أحد البراهين العملية على تضامن المسلمين.
3-   أسس ثلاثة ترتكز عليها أهداف البنك الإسلامي للتنمية.
4-   وسائل البنك الإسلامي للتنمية لتحقيق أهدافه في خدمة التنمية الإقتصادية ودعم التطور الاجتماعي.
5-   عمليات البنك الإسلامي للتتنمية ومشروعاته بالأرقام خلال ثلاث سنوات ونصف السنة.
6-   مدى فاعلية الوسائل لدعم جهود التنمية الاقتصادية والتطورالاجتماعي في بلدان الدول الأعضاء.
 أولا – دعوة التضامن الإسلامي في عصرنا الحديث :
      إن الحديث عن البنك الإسلامي للتنمية دون الإشارة إلى دعوة التضامن الإسلامي يعتبر حديثا مبتورا.
      فالإسلام كما نعلم جميعا رسالة عالمية، وتعاليمه إلهي تصلح لكل زمان، ولكل مكان، وهي محققة لمصالح البشر أينما كانوا وحيثما وجدوا.
      وعلى مدى قرن من الزمن منذ بزغ نورالاسلام رفرفت رايته على رقعة كبيرة من الأرض امتدت من أوربا غربا إلى الصين في أقصى الشرق، وأقبل الناس على هذا الدين الحنيف من جميع الأقطار حتى انضوى تحت لوائه معظم أجزاء الأرض المعمورة والمعروفة في ذلك الزمان.
      وعاش المسلمون في رحاب هذا الدين، وفي ظل تعاليمه الهادي إخوة متحابين متعاونين على جلب المصالح، ودفع المضار تحقيقا لقوله تعالى :" إن هذه أمتكم امة واحدة."
     ويبين ذلك رسول الله صلى الله علي وسلم بقوله : "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر".
     وتوالت القرون، وحاول أعداء الإسلام تمزيق الجسم الواحد، وتفتيت الوطن الواحد، وبث بذور التفرقة والشقاق بين الأخوة الذين تجمعهم رابطة الإيمان.
     ومرت على الأمة الإسلامية مرحلة من التأخر والضعف بسبب البعد عن حقيقة الإسلام وجوهره  وروحه.....".
     وأضاف يقول ضمن محاضرته القيمة مبينا عن أهداف البنك الإسلامي للتنمية :...

"...ثالثا ـ أهداف البنك الإسلامي للتنمية
       هناك أسس ومرتكزات ثلاثة تنبعث منها أهداف البنك الإسلامي للتنمية وهي :
1ـ السيرفي أعماله المصرفية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
2ـ أن يكون تعبيرا عمليا عن وحدة الأمة الإسلامية وتضامنها.
3ـ دعم مجهودات التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في الدول الأعضاء.

1ـ السير وفقا لأحكام الشريعة:
       جاء في ديباجة اتفاقية التأسيس للبنك الإسلامي للتنمية على :
      "إن هدف البنك الإسلامي للتنمية هو دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية مجتمعة ومنفردة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية".
      فعلى الرغم من الرواسب التي خلفها عهد الاستعمار في بلداننا الإسلامية والتي تفاوتت أزمنة سيطرته على أجزاء العالم الإسلامي حتى لقد بلغ ذلك ما يقرب من أربعة قرون في بعض البلدان.
       وعلى الرغم من التيارات الغربية عن روح الإسلام والتي تفاوتت درجة نفوذها في أجزاء غير قليلة من العالم الإسلامي.
       على الرغم من هذا كله فإن ستا وثلاثين دولة إسلامية قد صادقت وأبرمت اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية التي تجعل أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها ومثلها الأساس التي تقوم عليه هذه المؤسسة المالية الدولية التي قامت تلك الدول بإنشائها.
       لهذا فإن البنك الإسلامي للتنمية يلتزم ـ بفضل الله ـ في كل أعماله المصرفية، وعملياته المالية بأحكام الشريعة الإسلامية، ويعمل ماوسعه الجهد على تحقيق تطبيقات عملية في مجال التنمية الاقتصادية تتفق مع قواعد الشريعة وأحكامها.
       ويعقد البنك لهذا الغرض اجتماعات ولقاءات دورية مع فقهاء في الشريعة الإسلامية من مختلف مدارس الفقه السائد في عصرنا هذا في مختلف أرجاء العالم الإسلامي ويدعو إلى هذه الاجتماعات واللقاءات اقتصاديين وماليين ومصرفيين من المسلمين الذين لهم اهتمامات إسلامية خاصة وذلك للتشاور والتباحث معهم في التطبيقات العملية للشريعة، التي تواجه البنك.

2 ـ أن يكون تعبيرا عمليا عن وحدة الأمة الإسلامية وتضامنها :                   
      لقد عبرت الأمة الإسلامية عن إرادتها ممثلة في اتفاقية تأسيس البنك في أن يكون البنك الإسلامي للتنمية تعبيرا عمليا عن وحدة الأمة الإسلامية وتضامنها.
      ومن هذا المنطلق سعى البنك في كل عملياته إلى إبراز أهمية التعاون بين الدول الأعضاء، ويعمل على دعم هذا التعاون وتشجيعه بكل السبل  والوسائل المتاحة له.
      ويضع البنك هذا الهدف أمامه بالنسبة لجميع عملياته.
      ويبرز هذا التضامن أول ما يبرز في مساهمات الدول الأعضاء في رأسمال البنك فبينما بلغت مساهمة المملكة العربية السعودية 200 مليون دينار إسلامي والجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية 125 مليون دينار إسلامي ودولة الإمارات العربية المتحدة 110 ملايين دينار إسلامي ودولة الكويت 100 مليون دينار إسلامي غير أن أربع عشرة دولة تتراوح مساهمة كل منها بين 4 و 25 مليون دينارإسلامي والثماني عشرة دولة الباقية تساهم كل منها بـ 5,2 مليون دينار إسلامي.
      والدينار الإسلامي هو الوحدة الحسابية للبنك ويعادل وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي وتساوي حوالي دولار أمريكي وربع.
      والاستفادة من البنك لاترتبط بمقدار المساهمة في رأسماله وإنما تعطى الأولية لحاجات الدول الأقل نموا والتي تحتاج أكثر من غيرها إلى التمويل الخارجي لمشاريعها الإنمائية كما نصت على ذلك اتفاقية تأسيس االبنك، فبينما لم تستفد أي من الدول الأربع المالكة لأكبر عدد من أسهم البنك بأي قرض من البنك استفادت 28 دولة من الدول الأعضاء الأخرى بعملية واحدة على الأقل من عمليات البنك المالية.
      كما يعطي البنك أولويات خاصة للمشروعات المشتركة بين الدول الأعضاء والتي يكون لها تأثير فعال ليس فقط على اقتصاديات أكثر من دولة واحدة وإنما تؤدي أيضا إلى إيجاد نوع من التعاون والتكامل في النشاط الاقتصادي لأكثر من دولة واحدة، ومن ذلك اهتمام البنك بمشروع طريق الصحراء الكبرى الذي يربط شمال أفريقيا بغرب أفريقيا من شاطئ البحر المتوسط عبر الجزائر إلى النيجر ومالي ونيجريا.
      كما يولي البنك اهتماما خاصا بمشروع حوض نهرالسنغال ومالي وموريتانيا.

3- دعم مجهودات التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في الدول الأعضاء :
      وفقا لما نصت عليه المادة الأولى من اتفاقية التأسيس المشار إليها سابقا فإن الهدف الأساسي للبنك الإسلامي للتنمية هو دعم مجهودات التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي للدول الأعضاء، فالبنك الإسلامي للتنمية ليس مؤسسة تجارية لغرض الربح وإنما هيئة تهدف إلى المساهمة في تحقيق اكبر قدر ممكن من تنمية الموارد البشرية والطبيعية  في الدول الأعضاء بكل الأساليب والطرق الممكنة وذلك لتحقيق أكبر قدر من الرفاهية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء.
       لذلك فإن عمليات البنك التمويلية قاصرة على المشاريع الذي يكون لها تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني وتكون لتلك المشاريع أولوية في خطة التنمية للدولة المعنية ستتضح من الأمثلة التي سترد بعد ذلك في الحديث.

رابعا – وسائل البنك لتحقيق أهدافه :
       القاسم المشترك لهذه الوسائل هو انطلاقها جميعا من المرتكزات الرئيسية الثلاثة سبقت الاشارة إليها.
1-   تقديم القروض :
        يقوم البنك بتقديم قروض بدون فوائد لمشاريع البنية الأساسية في الدول الأعضاء من طرق ومواصلات وتعليم إلى غير ذلك وتقدم هذه القروض بأسهل الشروط الممكنة إذ أنها تقدم بغير فوائد وفقا لأحكام الشريعة وتكون لمدد طويلة تتراوح بين 15 وثلاثين سنة وقد تزيد على ذلك في بعض الحالات. وقد قدم البنك حتى تاريخه قروضا لـ 20 مشروعا من مشروعات البنية الأساسية .
       ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر تقديم البنك لقروض لمشروع سد سونج لولو في الكاميرون ومشروعات لبناء طرق في الصومال والسودان والسنغال. وتشييد ميناء جيجل البحري الجزائر وميناء للصيد البحري في صفاقس بتونس وتشييد مطار دكا الدولي في بنجلاديش وتوريد معدات وأجهزة لمختبرات المدارس الثانوية والمعاهد الفنية في السودان ومعهد علوم البحار في اليمن الديمقراطية الشعبية وتوسعة وتطوير دار المعلمين الابتدائية في موريتانيا إلى غير ذلك.
   
2-   المساهمة في المشاريع الصناعية والزراعية :
تتم عمليات المشاريع الصناعية والزراعية من قبل البنك عن طريق المساهمة في رأسمال هذه المشاريع. ويساهم البنك عادة بنسبة لا تتجاوزالثلث من رأس مال المشروع.
        وقد ساهم البنك حتى تاريخه في حوالي خمسة عشر مشروعا في مجالات مختلفة ومتنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر مشروع توسيع مصفاة النفط الأردنية بالزرقاء ومصفاة البترول الوطني في السودان والباكستان ومشروع استخراج الحديد في موريتانيا وغير ذلك.

3-   المعونة الفنية
        يقدم البنك المعونة الفنية للدول الأعضاء التي تحتاج إلى ذلك لاجراء الدراسات اللازمة لاعداد المشاريع اعدادا جيدا ومعظم هذه المعونات تكون على شكل قروض بدون فوائد لدفع نفقات المستشارين وبيوت الخبرة التي تتولى دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والمادية للمشروع ومن ذلك على سبيل المثال المعونات الفنية التي قدمها البنك إلى غينيا لمسح غابة لولا للتعرف على امكانات الاستفادة منها وكذلك المعونة الفنية لدراسة جدوى إناء مصنع اختزال الألمنيوم والمعونة الفنية التي قدمها البنك للصومال لدراسة جدوى مشروع  تصنيع الجبس والجمهورية  اليمنية لدراسة جدوى مشروع مصنع الأسمنت بالمفرق، وغينيا ومصنع لعجينة الورق في الكاميرون  ومشروع لمصنع نسيج في كراتشي بالباكستان وعدد من مشاريع الأسمنت في ماليزيا والمغرب.

4-   وسائل أخرى للتمويل  طويل الأجل :
       يسعى البنك دوما إلى البحث عن مختلف الأساليب وشتى الوسائل لاستحداث طرق مختلفة لتمويل المشارع الانمائية للدول الأعضاء على أن تكون هذه الأساليب والطرق متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، ومن ذلك :
أ - التأجير:
     إذ قام البنك بتمويل ثلاثة مشروعات بهذا الأسلوب هي عبارة عن شراء باخرة وتأجيرها لبنجلاديش ومصنع لتجميع تركتورات لتركيا وأجهزة ومرافق لمشروع اعداد أمهات الدواجن للجزائر.
ب- التمويل على أساس المشاركة في الأرباح :
     ومن وسائل التمويل الأخرى التمويل على أساس المشاركة في الأرباح، وقد ساهم البنك حتى الآن في مشروع واحد بهذا الأسلوب بالتعاون مع بنك دبي الإسلامي، ويتعلق بإنشاء مدينة سكينة في دبي باسم مدينة بدر السكينة.
ج- التمويل عن طريق مؤسسات التنمية الوطنية :
    يسعى البنك الإسلامي للتعاون مع مؤسسات التنمية الوطنية في الدول الأعضاء مع التمسك بطبيعة الحال على أن تتم العمليات في مجال هذا التعاون وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية السمحة، فيقوم البنك بتخصيص مبالغ للمؤسسات الوطنية للمساهمة بها في تمويل مشروعات نيابة عن البنك الإسلامي للتنمية. وقد قام البنك الوطني في ماليزيا والبنك القومي التونسي ومؤسسة التنمية الصناعية في الباكستان، كما وافق البنك أيضا على الدخول في اتفاقية مماثلة مع البنك الصناعي الأردني.
    والهدف من هذا النوع من التمويل هو توسيع نطاق عمليات البنك لتشمل المشروعات الصغيرة التي لايتمكن البنك من المساهمة بها مباشرة إذ أن الحد الأدنى لمساهمة البنك الإسلامي للتنمية مباشرة في أي مشروع هو 2 مليون دينار إسلامي أي حوالي 5,2 مليون دولار أمريكي.

5 - التمويل قصيرالأجل :
     إلى جانب عمليات التمويل طويل الأجل التي يقوم بها البنك الإسلامي للتنمية على شكل قروض لمشروعات البنية الأساسية ومساهمات للمشاريع الصناعية والزراعية والمعونات الفنية فإن البنك أيضا يقوم بعمليات تمويل قصيرة الأجل بهدف استثمار أمواله غيرالمرتبط عليها للمشروعات الطويلة الأجل، وأهم مجال من مجالات التمويل قصير الأجل هو تمويل التجارة الخارجية وعلى الأخص بين الدول الأعضاء، وتتم عمليات تمويل التجارة الخارجية على أساس بيع المرابحة المعروفة في الفقه الإسلامي.
     وقد قام البنك حتى الآن بـ 31 عملية تمويل تجارة خارجية لأربع عشرة دولة منها على سبيل المثال لا الحصر تمويل أسمدة يوريا للباكستان من كل من المملكة العربية السعودية وقطر والكويت وعملية توريد صخور الفوسفات إلى تركيا من كل من الأردن وتونس وتوريد الأسمنت إلى الباكستان من تركيا وتوريد زيت الوقود إلى تركيا من الباكستان وتوريد النفط إلى المغرب من المملكة العربية السعودية إلى غيرذلك.

خامسا - عمليات البنك بالأرقام  :
      بلغ مجموع عمليات البنك حتى تاريخه من قروض ومساهمات وتمويل تجارة خارجية إلى غير ذلك 89 عملية في مختلف المجالات، ومجموع المبالغ التي اعتمدت لهذه العمليات هي 527 مليون دينار إسلامي أي ما يعادل حوالي 646 مليون دولار أمريكي أي حوالي 2184 مليون ريال سعودي.
      وقد تمت هذه العمليات في 28 (ثمان وعشرين) دولة من الدول الأعضاء.

سادسا - فعاليات عمليات البنك في دعم التنمية في الدول الأعضاء:
      إن احتياجات التنمية في الدول الإسلامية من الضخامة بمكان كبير، فمعظم هذه الدول تعاني من الآثارالتي خلفها المستعمر بعد حقبة طويلة من الزمن، وأول ما تعاني منه التخلف في تنمية الموارد البشرية، فنسبة  الأمية سيئة وعالية كما أن الأمية المهنية أشد تخلفا وينتج عن ذلك بطبيعة الحال تختلف في تنمية الموارد الطبيعية واستثمارها.
      لذلك فإن التمويل الخارجي مهما يبلغ لايمكن أن يلبي احتياجات هذه الدول، فلابد لكل منها أن تعتمد اعتمادا أساسيا على مواردها الذاتية لتنمية مواردها البشرية والطييعية.
      والتمويل الخارجي يكون بمثابة دعم ومساندة للموارد الذاتية وهذا هو الدور الذي يمكن أن يقوم به البنك الإسلامي للتنمية كمصدر خارجي لدعم التنمية الاقتصادية في الدول الأعضاء.
      وقد أثبتت التجربة أن أساليب ووسائل البنك الإسلامي للتنمية للتمويل هي من أفضل وأنجح الأساليب.
أ‌-       فبالنسبة للقروض فمن المعلوم أن قروض البنك الإسلامي للتنمية تقدم لمدة
طويلة وبدون فائدة فهي لأجل ذلك لاتشكل عبئا ذا بال على المشروع الممول،
 فمشروعات البنية الأساسية التي يقوم البنك بتمويلها على أساس القروض مثل الطرق ووسائل المواصلات والموانئ والتعليم إلى غيرذلك لايمكنها عادة أن تتحمل عبء الفوائد التي تفرضها المؤسسات الأخرى في الوقت الذي تعتبر فيه هذه المشروعات من المشروعات الأساسية والحتمية اللازمة لدفع عملية التنمية لاسيما في الدول النامية.
      لذلك فإن أسلوب تمويل البنك الإسلامي للتنمية النابع من مبادئ الشريعة الإسلامية هو الأسلوب الأمثل لتمويل هذا النوع من المشاريع وبالتالي يتناسب مع ظروف واحتياجات الدول النامية.                                  
ب‌-  أما فيما يتعلق بالمساهمات وهوالأسلوب الذي يقوم البنك باتباعه في تمويل المشروعات الصناعية والزراعية فالتجربة دلت على أنه هو الأسلوب الأجدى للدول النامية.
     فالبنك الإسلامي للتنمية لايقف دوره عند تقديم المال كما تفعل المؤسسات الأخرى حينما تقوم بقديم قروض للمشروعات الصناعية في الدول النامية وتضع جميع الضمانات اللازمة لاستيراد مبلغ القرض وفوائده في مواعيده المحددة بغض النظر عما يتم فعلا للمشروع.
     إن البنك الإسلامي للتنمية بمساهمته في المشاريع الصناعية والزراعية يكون شريكا مباشرا في المشروع وتكون له مصلحة مباشرة في نجاح المشروع. لذلك فالبنك الإسلامي للتنمية يتابع المشروع باهتمام مع الجهة المعنية في جميع مراحل وخطوات التنفيذ حتى يتحقق بإذن الله نجاح المشروع وتحقيقه الهدف الذي أنشئ من أجله.
     فالبنك بجهازه الفني  بكون عونا ومساعدا للجهة المعنية في مواجهة جميع مشاكل التنفيذ وصعوباته وهو يقدم العون لمواجهة هذه الصعوبات للتغلب عليها حتى يسير تنفيذ المشروع في الطريق المرسوم له.
  
ج – المعونة الفنية :
         كما سبقت الإشارة يقدم البنك قروضا بدون فائدة لمواجهة تكاليف دراسات الجدوى اللازمة لاعداد المشاريع.
         وهذا النوع من التمويل يقع في أعلى قائمة الأولويات بالنسبة للدول النامية إذ أن من أولى المشكلات التي تعانيها الدول النامية الافتقار إلى الدراسات الدقيقة والسليمة للمشروعات. فبدون هذه الدراسات لاتتمكن الدول النامية من الحصول على أي تمويل لأي مشروع من مشروعاتها الهامة.

د – تمويل التجارة الخارجية :
        لاتقوم المؤسسات الدولية التمويلية المماثلة للبنك الإسلامي للتنمية بتمويل التجارة الخارجية، فهذه المؤسسات تجعل أموالها غيرالمرتبط عليها للمشروعات في شكل ودائع في السوق الدولية مقابل فوائد، وقد وجد البنك الإسلامي منذ نشأته أن هذا الأسلوب لايتمشى مع المبادئ الإسلامية التي أنشئ على أساسها، لذلك فكان لابد من البحث عن أساليب أخرى لاستثمار أموال البنك لفترة قصيرة الأجل في عمليات تمويل التجارة الخارجية، وقد بدأ البنك هذه العمليات بخطوات متئدة على سبيل التجربة في اول الأمر. فوجد هذا الأسلوب ترحيبا حارا من الدول الأعضاء، ودعت هذه الدول البنك إلى التوسع في هذا النوع من التمويل.
       وبالفعل في خلال العام الماضي توسع البنك في التجارة الخارجية بشكل كبير، وقد تبين أن البنك بتحريه لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية قد توصل إلى أسلوب لم تطرقه المؤسسات المالية الأخرى المماثلة كما تبين أن هذا الأسلوب هو أجدى وأنفع للدول الأعضاء في البنك ومعظمها من الدول النامية، وقد حقق هذا النوع من التمويل الفوائد التالية:
1-   إن البنك بهذا الأسلوب يستثمر أمواله غير المرتبط عليها في داخل الدول الأعضاء ذاتها.
2-   يقوم البنك بتشجيع ودعم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في البنك إذ أن البنك يعطي الأولوية لتمويل السلع المستوردة من إحدى الدول الأعضاء في البنك.
3-   يساعد هذا النوع من التمويل على زيادة الموارد المالية الخارجية المتاحة للدول الأعضاء مما يساعد في تخفيف مشكلة النقد الأجنبي بالنسبة للدول الأعضاء التى تعاني عجزا شديدا في ميزان مدفوعاتها.
4-   يستخدم البنك هذا الأسلوب لمزيد من الدعم للتنمية الاقتصادية للدول المعنية إذ أن البنك يساهم بهذه العمليات فقط تمويل السلع ذات الصبغة التنموية.

     وفي ذات الوقت فإن البنك الإسلامي للتنمية يسعى دوما إلى توثيق علاقاته مع جميع المنظمات والهيئات التمويلية سواء الدولية منها مثل البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق الأوبك الخاص، أو إقليمية مثل البنك الأفريقي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية والمصرف العربي للتنمية في أفريقيا والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، أو كانت هيئات وطنية مثل الصندوق السعودي للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية وصندوق "أبوظبيي" للتنمية والصندوق العراقي للتنمية.
    وقد أبرم البنك العديد من اتفاقيات التعاون مع هذه المنظمات وكذلك  الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية و"اليونسكو" والصندوق الدولي للتنمية الزراعية.
    ويهدف البنك الإسلامي للتنمية من توثيق تعاونه مع المنظمات والهيئات التمويلية إلى المساهمة في زيادة تدفق الأموال للدول الأعضاء.
    يتضح مما سبق أن الأساليب والوسائل المتبعة من قبل البنك الإسلامي للتنمية المبنية على مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية هي أفضل الأساليب التمويلية لتلببية احتياجات الدول النامية في العصر الحديث مما يؤكد أن هذه  الشريعة الغراء التي أنزلها الله منذ أربعة عشر قرنا من أية شرعة أو مبادئ أخرى لتلبية احتياجات البشرية في العصر الحديث.
والله أسأل أن يوفق قادة أمتنا الإسلامية إلى كل ما فيه جمع كلمتها وعزها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 


[1] عبد الشافي القوصى ومحمد أحمد محمدين، حركة التضامن الإسلامي ودور المملكة في تأسيسها وإنهاضها، دار الصحوة للنشر والتوزيع – القاهرة  1994م ص 19
[2] عبد الشافي القوصى ومحمد أحمد محمدين، حركة التضامن الإسلامي ودور المملكة في تأسيسها وإنهاضها، دار الصحوة للنشر والتوزيع – القاهرة  1994م ص 103 – 106 

Tidak ada komentar:

Posting Komentar